بما هو مملوك الإنسان فيأكله فيكون لفظ الرزق مجازًا عما تأكله الدواب فيلزم ألا تكون كل دابة مرزوقة على سبيل الحقيقة لأنا نقول هذا التأويل مخالفًا لظاهر القرآن وهو خلاف المتعارف في اللغة، فلا يرتكب من غير ضرورة، ثم إن تفسيرهم الرزق بذلك ليس بمطرد، ولا منعكس لدخول ملك اللَّه تعالى، وخروج رزق الدواب والعبيد والأماء، ويلزمهم أيضا على التأويلين أن من أكل الحرام طول عمره لم يرزقه اللَّه تعالى أصلًا، وهو خلاف الإجماع الحاصل بين الأمة قبل ظهور المعتزلة أن لا رازق إلا اللَّه، وإن استحق العبد الذم واللوم على كل الحرام، والإضافة إلى اللَّه تعالى معتبرة في مفهوم الرزق، وكل أحد مستوف رزق نفسه حلالًا كان أو حرامًا، ولا يتصور أن لا يأكل الإنسان رزقه أو يأكل غير رزقه، لأن ما قدره اللَّه تعالى غذاء الشخص يجب أن يأكله ويمتنع أن يأكل غيره -فعلى كل حال ما ذهب إليه أهل الاعتزال ضرب من المحال (?) واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015