{قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38].
فلم يزل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرعهم بالقرآن أشد التقريع، ويتحداهم ويوبخهم ويشنع عليهم غاية التشنيع، ويسفه أحلامهم، ويفرق نظامهم، ويذم آلهتهم وآباءهم، ويستبيح أرضهم وأموالهم ونساءهم وأبناءهم، وهم فى كل ذلك ناكصون عن معارضته، محجمون عن مناضلته، يخادعون أنفسهم بالتشغيب، بالتكذيب والإفتراء بالإفتراء، فتارة يقولون هذا سحر مفترى، وأخرى أساطير الأولين، وطورًا يقولون إذا سمعوا آيات الكتاب: {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5].
ومنهم من استحق وهذى فقال بضرب من الدعوى: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} [الأنفال: 31].
ومن تعاطى شيئًا من سخفائهم بدعوى المعارضة افتضح وانكشف عواره، وما نجح وظهر بواره.
ولما سمع الوليد بن المغيرة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى. . .} [النحل: 90] قال واللَّه إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر (?).