وقال جمهور العقلاء: نحن إذا عربنا التوراة والإنجيل لم يكن معنى ذلك معنى القرآن بل معاني هذا ليست معاني هذا.

وكذلك: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ليس هو معنى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] ولا معنى آية الكرسي آية الدين.

وقالوا: إذا جوزتم أن تكون الحقائق المتنوعة شيئًا واحدًا فجوزوا أن يكون العلم والقدرة والكلام والسمع والبصر صفة واحدة فاعترف أئمة هذا القول بأن هذا الإلزام ليس لهم عنه جواب عقلي، ثم منهم من قال: إن الناس في الصفات إما مثبت لها قائل بالتعدد، وإما ناف لها, وإما إثباتها واتحادها فخلاف الإجماع. وهذه طريقة أبي بكر الباقلاني (?)، وأبِي المعالي الجويني (?)، وغيرهما ومنهم من اعترف بأنه ليس له جواب كأبي الحسن الآمدي (?) وغيره.

والمقصود هنا أن هذه الآية الكريمة تبين بطلان هذا القول كما بينت بطلان غيره فإن قوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} يقتضي نزول القرآن من ربه.

والقرآن اسم للقرآن العربي لفظه ومعناه بدليل قوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98] وإنما يقرأ القرآن العربي لا يقرأ معانيه المجرده.

فإذا كان روح القدس نزل بالقرآن العربي لزم أن يكون نزله من اللَّه فلا يكون شيء منه نزله من عين الأعيان المخلوقة ونزله من نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015