ينفعهم وما يضرهم وتكميل ما يصلحهم في معاشهم ومعادهم، وبعثوا جميعهم بالدعوة إلى اللَّه تعالى وتعريف الطريق الموصل إليه، وبيان حالهم بعد الوصول إليه.
فالأصل الأول تضمن اثبات الصفات والتوحيد والقدر وذكر أيام اللَّه في أوليائه وأعدائه، وهي القصص التي قصها على عباده والأمثال التي ضربها اللَّه لهم.
والأصل الثاني يتضمن تفصيل الشرائع والأمر والنهي والإباحة وبيان ما يحبه اللَّه ويكرهه.
والأصل الثالث يتضمن الإيمان باليوم الآخر والجنة والنار والثواب والعقاب على هذه الأصول الثلاثة، مدار الخلق والأمر والسعادة والفلاح موقوفة عليها ولا سبيل إلى معرفتها إلا من جهة الرسل فإن العقل لا يهتدي إلى تفاصيلها ومعرفة حقائقها، وإن كان قد يدرك وجه الضرورة إليها من حيث الجملة، كالمريض الذي يدرك وجه الحاجة إلى الطب ومن يداويه ولا يهتدي إلى تفاصيل المرض وتنزيل الدواء عليه.
وحاجة العبد إلى الرسالة أعظم بكثير من حاجة المريض إلى الطبيب فإن آخر ما يعذب بعدم الطبيب موت الأبدان. وأما إذا لم يحصل للعبد نور الرسالة وحياتها مات قلبه موتًا لا ترجى الحياة معه أبدًا وشقي شقاوة لا سعادة معها أبدًا، فلا فلاح إلا باتباع الرسول فإن اللَّه تعالى خص بالفلاح أتباعه المؤمنين به وأنصاره كما قال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].
أي لا مفلح إلا هم، كما قال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].