ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ "فَأَبْرِدْ بِالظُّهْرِ" فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يكون بعد المثلين أيضًا، فافهم.
وقوله: (فلما أن كان) أن زائدة تجيء بعد (لما) كثيرًا، كقوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا} [العنكبوت: 33]، وقوله: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} [يوسف: 96]، و (كان) تامة.
وقوله: (أمره فأبرد) على صيغة الأمر بيان للأمر، أي: أمره بالإبراد فقال: أبرِدْ بالظهر، ذكره تأكيدًا وتصريحًا واهتمامًا بذكره، وإلا كان يكفي: فأمره فأبرد بها، بصيغة الماضي كما هو المتعارف في مثل هذه العبارة.
وقوله: (فأنعم) أي: زاد وبالغ في الإبراد حتى انكسر وهج الحر بالكلية، يقال: أحسنت وأنعمت، أي: زدت في الإحسان وبالغت، ولا يخفى أن سياق الحديث يقتضي أن هذا الإبراد كان لأجل التأخير عن أول الوقت تعليمًا لآخر الوقت، والاتقاءُ عن شدة الحر لكونه من فيح جهنم كما سيأتي سببٌ آخر للإبراد، ولعله كان حين سؤال الرجل صيف، ويأتي شرحه في (باب تعجيل الصلاة)، فافهم.
وقوله: (فوق الذي كان) أي: فوق الوقت الذي وجد في اليوم الأول، أي: زاد في التأخير، وهذا أيضًا ساكت عن وقوعها حين صيرورة ظل الشيء مثله، والشافعية يحملونه عليه بقرينة الروايات الأخر.
وقوله: (قبل أن يغيب الشفق) يشير إلى تأخير صلاة المغرب أيضًا في اليوم الثاني، أي: لم يصلِّ متصلًا بغيبة الشمس كما في اليوم الأول، فلم يدل هذا الحديث على أن