. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفراغ ما كان حرامًا عليه، ثم التسليم -أي: الخروج عن الصلاة بلفظ السلام- فرض عند الشافعي ومالك وأحمد -رضي اللَّه عنهم- قالوا: لأن ظاهر قوله: (وتحليلها التسليم) أن لا تحليل لها سواه، ولأنه جاء في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي اللَّه عنها-: (وكان يختم الصلاة بالتسليم) (?)، وقد قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وواجب عند أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- إن تركه عمدًا يأثم، ويخرج عن الصلاة ناقصة، ويسجد للسهو إن تركه سهوًا، والفرض عندهم الخروج بفعل يناقض الصلاة كما عرفت في الفقه، وعند سفيان الثوري والأوزاعي سنة، والدليل لنا على عدم الفريضة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يعلّم الأعرابي حين علّمه الصلاة، ولو كان فرضًا لعلّمه، كذا قال الشُّمُنِّي.
وقال في (الهداية) (?): ولنا حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- وهو أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما علمه التشهد: قال له: (إذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم، فإن شئت أن تقعد فاقعد)، وجه الاستدلال: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- حكم بتمام الصلاة قبل السلام، وخيّره بين القعود والقيام، وهذا ينفي بقاء واجب عليه، كذا في شرحه، ويكفي في صحة قوله: (وتحليلها التسليم) كونه واجبًا بل سنة، ولا يدل على الفرضية قطعًا، وقول عائشة -رضي اللَّه عنها-: كان يختم الصلاة بالتسليم أيضًا لا يدل على الفريضة، بل لا يدل إلا على فعله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد رأوا صلاته بجميع ما اشتملت عليه من الفرائض والواجبات والسنن والآداب كما في حديث أبي حميد الساعدي وغيره، فعلى هذا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (صلوا كما رأيتموني) لا يقتصر الأمر فيه على الفرائض بل يشملها وغيرها، ويتم الكلام فيه في كتاب الصلاة.