ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدم مِنْ ذَنْبِهِ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. وَلَفْظُهُ للْبُخَارِيِّ. [خ: 159، 1934، م: 226].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فافهم.

ثم الظاهر من هذا الحديث كون المضمضمة والاستنشاق بغرفة واحدة لعدم ذكر (ثم) كما في سائر الأعضاء، وسيجيء الكلام فيه في (باب سنن الوضوء) إن شاء اللَّه تعالى.

وقوله: (نحو وضوئي) في شرح مسلم: إنما قال: نحو، ولم يقل: مثل، لأن حقيقة مماثلة وضوئه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقدر عليها غيره، انتهى. وهذا مبني على اعتبار وجه الشبه في المماثلة من كل وجه، ولو لم يعتبر ذلك واكتفى بالمشاركة في جهة خاصة لكفى، وهذا تأدب منه -رضي اللَّه عنه-، وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وضوئي) بترك حرف التشبيه فترغيب وحث على كمال المبالغة، فافهم.

وقوله: (ثم يصلي ركعتين) ولو صلى أكثر لكان أفضل، يؤخذ فيه استحباب الصلاة بعد الوضوء، وقال الطيبي (?): هي سنة مؤكدة لا تترك ولو في وقت مكروه، ولو صلى فريضة أو راتبة لكفت، وأنكر الإمام الغزالي تسميتها بتحية الوضوء، وأما التسمية بتحية المسجد فصحيح.

وقوله: (لا يحدث نفسه فيهما بشيء) أي: في أمور الدنيا، ولو عرضت الخواطر فدفعها ولم يستقر لم يضر في هذه الفضيلة، وقيل: المراد الإخلاص، وقيل: عدم العجب، واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015