إنك تصير إمامًا في العلم وتكون على السنة؛ لأن إمام المسجد الحرام أفضل الأئمة كلهم، وأما الميزان فإنك تعلم حقيقة الشيء في نفسه.

وذكروا أن الشافعي كان في أول الأمر فقيرًا، ولما سلموه إلى المعلم ما كانوا يجدون أجرة المعلم فكان المعلم يقصر في التعليم، إلا أن المعلم كلّما علم صبيًا شيئًا كان الشافعي يتلقف ذلك الكلام، ثم لما قام المعلم عن مكانه أخذ الشافعي يعلم الصبيان تلك الأشياء، فنظر المعلم فرأى الشافعي يكفيه أمر الصبيان أكثر من الأجرة التي كان يطلب منه فترك طلب الأجرة واستمر [على] هذه الأحوال حتى تعلم القرآن لتسع سنين.

قال الشافعي: لما ختمت القرآن دخلت المسجد وكنت أجالس العلماء وأحفظ الحديث والمسألة، وكان منزلنا بمكة في شعب الخَيْف، وكنت فقيرًا بحيث ما أملك ما أشتري به القراطيس فكنت آخذ العظم وأكتب فيه.

وكان في أول الأمر تفقه على مسلم بن خالد، وفي أثناء الأمر وصل إليه الخبر بأن مالك بن أنس إمام المسلمين وسيدهم، قال الشافعي: فوقع في قلبي أن أذهب إليه، فاستعرت "الموطأ" من رجل بمكة وحفظته، ثم دخلت إلى والي مكة فأخذت كتابه إلى والي المدينة وإلى مالك بن أنس، وقدمت المدينة وبلغت الكتاب، فقال والي المدينة: يا فتى إن كلفتني المشي من جوف المدينة إلى جوف مكة راجلًا حافيًا كان أهون عليّ من المشي إلى باب مالك، فقلت: إن رأى الأمير أن يحضره، فقال: هيهات! ليتنا إذا ركبت إليه ووقفت على بابه كثيرًا فتح لنا الباب، ثم ركب وذهبنا معه إلى دار مالك، فتقدم رجل وقرع الباب فخرجت إلينا جارية سوداء، فقال لها الأمير، قولي لمولاك: إني بالباب، فدخلت الجارية وأبطأت ثم خرجت فقالت: إن مولاي يقول: إن كان لك مسألة فادفعها في رقعة حتى يُخرج إليك الجواب، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015