فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

كتبه: خطه، والكتاب: ما يكتب فيه والفرض والحكم والقدر.

وقوله: (وضوءها) وفي بعض النسخ (وضوءه)، وكذا في (خشوعها وركوعها)، والخشوع يشتمل على رعاية آدابه الظاهرة والباطنة، وتخصيص الركوع بالذكر لأنه من خصائص صلاة المسلمين، وليس في صلاة اليهود والنصارى ركوع، ولأنه أشد من السجود لا يقدر على إكماله الضعفاء بخلاف السجود، ولأنه يدرك الركعة بدركه فيكون إحسانه وإتمامه أهم، ولأن الركوع أول حالة يتميز بها المصلي.

وقوله: (ما لم يؤت) على بناء الفاعل من الإيتاء، هكذا الموجود في (صحيح مسلم) وشرحه للنووي، وفي كتاب الحميدي، والذي يوجد في نسخ (المصابيح): (لم يأت) من الإتيان وهو ظاهر المعنى؛ لأن إتيان الشيء بمعنى العمل به كثير، وأما الإيتاء فإنما هو بمعنى الإعطاء، وتوجيه الإيتاء أن العالم يعطي العمل من نفسه، وقد يروى: (يؤت) بلفظ المجهول إقامةً للمفعول الأول مقام الفاعل وترك الثاني منصوبًا بمعنى: لم تصبه الكبيرة، من قولهم: أُتي فلان في بدنه، أي: أصابته علَّةٌ، والمختار بحسب الرواية (ما لم يؤت) من الإيتاء مبنيًا للفاعل.

ثم الظاهر من قوله: (ما لم يؤت كبيرة) أن كفارة الذنوب مشروطة بعدم إتيان الكبائر، فإن أتى الكبائر لم تكفَّر صغائره، وهو الظاهر من قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] لكنهم قالوا: معناه: إن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فإنها لا تغفر، فافهم. قال النووي (?): هذا هو المراد، والأول وإن كان محتمل العبارة لكنه لم يذهب إليه أحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015