الإيمَان يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفؤاد نفذ القول فيه، ووصل إلى ما وراء القلب، وإذا غلظ تعذر وصوله إلى داخله، وقال الطيبي (?): يحتمل أن يكون المراد بالرقة جودة الفهم، وباللين قبول الحق، فتدبر.
وقوله: (الإيمان يمان) أصله يمني حذف إحدى اليائين وعوض عنها الألف، وقيل: قدم إحداها وقلبت ألفًا فصار كقاضٍ، وبالجملة كانت صيغة النسبة بمعنى يمني.
وقوله: (والحكمة يمانية) بخفة الياء على الأصح المشهور، وحكي تشديدها، وفيه جمع بين العوض والمعوض عنه، قال في (المشارق) (?): قوله: يمانية خفف الياء ولم يشددها لأن الألف عوض من ياء النسبة، فلا تجتمعان عند أكثر النحاة، وحكي عن سيبويه جواز تشديد الياء.
ثم اختلفوا في أن نسبة الإيمان والحكمة إلى اليمن، فقيل: لأن الدين بدأ من مكة وهي تهامة، وتهامة من أرض اليمن، ولذا يقال: الكعبة يمانية، وقيل: قال -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا القول وهو بتبوك، ومكة والمدينة بينه وبين اليمن فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد الحرمين، وابتداء الإيمان من مكة وظهوره من المدينة، وقيل: أراد به الأنصار وهم من عرب اليمن في الأصل وهم نصروا الإيمان والمؤمنين، وآووهم، فنسب الإيمان إليهم، وعليه حمل بعضهم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إني لأجد نَفَسَ الرحمن من جانب اليمن)، يريد تنفيسه وتفريجه من الكرب الذي لحقه في تتميم الإيمان وتبليغ الأحكام.