وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ". وَفِي رِوَايَةٍ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3904، م: 2382].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ابن أبو سفيان، على ما ذكر في توجيه قول أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه-: لا ولو رماه بأبا قبيس.

وقوله: (ولو كنت متخذًا خليلًا) الظاهر أنه من الخلة بضم الخاء بمعنى الصداقة والمحبة المتخللة في باطن قلب المحب الداعية إلى اطلاع المحبوب على سره، أي: لو جاز لي أن أتخذ صديقًا من الخلق تتخلل محبته في باطن قلبي يكون مطلعًا على سري لاتخذت أبا بكر، ولكن ليس لي محبوب بهذه الصفة إلا اللَّه، وإنما محبتي للخلق على ظاهر قلبي، ولا يطلع على سري إلا هو سبحانه، ويجوز أن يكون من الخلة بالفتح بمعنى الحاجة، أي: لو اتخذت صديقًا أراجع إليه حاجاتي وأعتمد عليه في مهماتي لاتخذت أبا بكر، ولكن اعتمادي في جميع أموري إلى اللَّه وهو ملجئي وملاذي، وهذا المعنى أقرب وأنسب بسياق الحديث، ولكنهم حكموا بأن الأول أوجه، فافهم.

وقيل: الخلة بالفتح بمعنى الخصلة، وهي إشارة بالتخلق بأخلاق اللَّه سبحانه.

وقوله: (ولكن أخوة الإسلام ومودته) خبره محذوف، أي: ثابت، وقيل: الأحسن أن يقدر مثل قولنا: أتم وأكمل من غيره، و (الخوخة) بالفتح: كوة تؤدي الضوء إلى البيت، ومخترَقُ ما بين كل دارين، وكان في البيوت اللاصقة بالمسجد مخترقًا يمرون منه إلى المسجد وينظرون منها إليه، فأمر بسد جملتها سوى خوخة أبي بكر تكريمًا له وتفضيلًا على سائر أصحابه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015