وإنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَة، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِعَشَرَةٍ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تعَشَّى عِنْد النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ؟ قَالَ: أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، فَحَلَفَتِ الْمَرْأَة أَنْ لَا تَطْعَمَهُ، وَحَلَفَ الأَضْيَافُ أَنْ لَا يَطْعَمُوهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، فَدَعَا بِالطَّعَامِ، فَأَكَلَ وَأَكَلوُا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (وإن أبا بكر جاء بثلاثة، وانطلق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعشرة) قال الشيخ (?) عبر عن أبي بكر بلفظ المجيء لبعد منزله من المسجد، وعبر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالانطلاف لقربه.
وقوله: (ثم رجع) أي: إلى بيته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا تكرار لما تقدم من قوله: (تعشى عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-)، وفي رواية: ثم ركع بدل (رجع)، أي: صلى النافلة، كذا في الحواشي، وقال الكرماني (?): إن قلت: هذا يشعر بأن التعشي عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان بعد الرجوع إليه، وما تقدم أشعر بأنه كان قبله؟ قلت (?): الأول بيان حال أبي بكر في عدم احتياجه عند أهله، والثاني هو سوق القصة على الترتيب الواقع، أو الأول كان تعشِّي أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، والثاني تعشي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فافهم.
وقوله: (فدعا بالطعام فأكل) وإنما أكل -رضي اللَّه عنه- مع حلفه أن لا يأكل لحديث: