فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ" فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا قَالَ: "الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ" فَالْتَأَمَتَا، فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُقْبِلًا وإذَا الشَّجَرَتَيْنِ قَدِ افْتَرَقتا، فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 3012].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

شجرتان بالرفع. و (المخشوش) البعير الذي يجعل في أنفه الخشاش، بكسر الخاء المعجمة: خشبة تجعل في أنف البعير ليكون أسرع إلى الانقياد.

وقوله: (يصانع) أي: يطاوع وينقاد، والمصانعة في الأصل: الرشوة والمداراة والمداهنة.

وقوله: (حتى إذا كان بالمنصف) بفتح الميم والصاد، أي: الموضع الذي هو وسط بين الموضعين.

قوله: (أحدث نفسي) يعني في وقوع هذا الأمر العجيب الذي رأيته ما هو؟ وكيف هو؟ أو في شيء آخر كما هو عادة الإنسان، (فكانت) أي: ظهرت، من كان: إذا أتى وقت الشيء، (مني لفتة) بفتح اللام وسكون الفاء، أي: التفاتة، أي: كنت مستقلًا بنفسي لا ألتفت إلى شيء فإذا التفت رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (مقبلًا) أي: [من] هذا الجانب، (وإذا الشجرتين) أي: رأيتهما.

وقوله: (فقامت كل واحدة منهما على ساق) يظهر منه أنهما كانتا التأمتا كأنها شجرة واحدة على ساق واحدة، أو المراد أنهما عادتا إلى الحال الأصلي كما كانتا، فافهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015