وَعِيْسَى رُوْحُهُ وَكَلِمَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَآدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَحْتَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (ألا وأنا حبيب اللَّه) وهو جامع للخلة والتكليم والاصطفاء والمناجاة مع شيء زائد لم يثبت لأحد، وهو كونه محبوب اللَّه تعالى بالمحبة الخاصة التي هي من خواصه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولبعض العلماء في الفرق بين الخليل والحبيب عبارات ينبغي أن ننقلها شرحًا لصدور المؤمنين وتنويرًا لقلوب العارفين، وقال: إن الخليل من الخلة، أي: الحاجة، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام كانت حاجته وافتقاره إلى اللَّه تعالى، فمن هذا الوجه اتخذه خليلًا، والحبيب فعيل بمعنى الفاعل أو المفعول فهو -صلى اللَّه عليه وسلم- محب ومحبوب.

والخليل محب لحاجته إلى من يحبه، والحبيب محب لا لغرض، والخليل يكون فعله برضى اللَّه تعالى، والحبيب يكون فعل اللَّه برضاه، قال اللَّه تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144]، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5].

والخليل لا يحب الاستعجال إلى لقاء حبيبه، كما قيل: إن ملك الموت جاء إلى قبض روح إبراهيم، وقال له: [هل رأيت خليلًا يميت خليله، فأوحى اللَّه تعالى إليه قل له]: هل رأيت خليلًا يكره لقاء خليله. والحبيب يحب الاستعجال إلى لقاء حبيبه كما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في دعائه: (اللهم أسألك النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك).

والخليل مغفرته في حد الطمع، كما قال إبراهيم: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82]، والحبيب مغفرته في حد اليقين من غير سؤال قال اللَّه تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015