"بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ مِنْهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 3557].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا) القرن: كل طبقة أهل زمان واحد؛ لاقترانهم في أعمارهم وأحوالهم، كما في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (خير القرون قرني الذين أنا فيهم ثم الذين يلونهم) (?) الحديث، وقال صاحب (القاموس) (?): القرن: كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد، وقد يطلق على الوقت أيضًا، فقيل: أربعون سنة أو عشرة أو عشرون أو ثلاثون وقد اشتهر هذا في العوام، أو خمسون أو ستون أو سبعون أو ثمانون أو مئة أو مئة وعشرون، وقد يرجح المئة بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لغلام: (عش قرنًا) فعاش مئة سنة، واللَّه أعلم.

والمراد بخير قرون بني آدم: كل طبقة فيهم آباؤه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو محمول هنا على من بعد إسماعيل من ولده من كنانة وقريش ومن بعدهم، ليصح معنى التعقيب في الفاء، والمراد ببعثه فيهم: تقلبه في أصلاب الآباء، ونقله فيها أبًا فأبًا، وقرنًا فقرنًا، حتى ظهر في القرن الذي وجد فيه، ومعنى الترتيب في الفضل والخيوية على سبيل الترقي كما يفسره الحديث الآتي، والخيرية والاصطفاء محمولة من جهة الخصائل الحميدة والفضائل الشريفة عند العقلاء وأهل الكرام، لا باعتبار الإيمان والديانة، كذا قالوا، وهذا في القرون.

وأما آباؤه الكرام فكلهم من آدم إلى عبد اللَّه أبيه طاهرون مطهرون من دنس الكفر ورجس الشرك لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (خرجت من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الطاهرات)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015