كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلَامِ إِذَا فقُهُوا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2526].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ونحوه لإقامة أهله فيه دائمًا، أو لإنبات اللَّه عز وجل إياه فيه، ومكان كل شيء أصله فيه، كذا في (القاموس) (?).
وقوله: (معادن) تشبيه بليغ، و (كمعادن) بدل منه أو تأكيد أو مجاز عن التفاوت، أي: متفاوتون في شرف النفس واستعدادها، فيتفاوتون في مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات على حسب الاستعدادات ومقدار الشرف تفاوت المعادن، فإن منها ما يستعد للذهب، ومنها ما يستعد للفضة وغيرهما من الجواهر المعدنية حتى ينتهي إلى الأدنى فالأدنى، كالحديد والكحل والزرنيخ والنورة، وكان من يستعد لقبول المآثر وجميل الصفات والفوقية على الأقران في الجاهلية وكان من خيار القبائل فيها، لكنه كان في ظلمة الكفر والجهل مستورًا مغمورًا، كما يكون الذهب والفضة في المعدن ممزوجًا مختلطًا بالتراب، كان في الإسلام كذلك، وفاق بتلك الاستعداد والمآثر والصفات على أقرانه في الدين، وتنور بنور العلم والإيمان، وخلص في سبيكة الرياضة والمجاهدة كما يسبك الذهب والفضة.
وقوله: (إذا فقهوا) يفيد أن الإسلام يرفع اعتبار التفاوت المعتبر في الجاهلية، فإذا تحلى الرجل بالعلم والحكمة استجلب شرف النسب واستعداد النفس فيجتمع الشرفان، وبدون ذلك لا يعتبر ولا يفيد، وفيه أن الوضيع العالم خير من الشريف الجاهل، يقال: فقه الرجل بالكسر: علم، وفقه بالضم: صار فقيها عالمًا بعلم الشرائع، والرواية بالضم وهو المناسب ههنا، وإن رجحنا الأول في قوله: يفقهه في