لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ" قَالَ: "فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (في خفة الطير وأحلام السباع) أي: يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد كالطير، وفي ظلم بعضهم على بعض والسفك والقتل في أخلاق السباع، كذا في (مجمع البحار) (?)، ولعل الأحلام هنا جمع حلم بالكسر بمعنى العقل والأناة، والمراد به التثبت والتمكن من القتل والإهلاك.
وقوله: (ألا تستجيبون) يردعهم عن الفسق والفساد تلبيسًا عليهم ودعوة على عبادة الأوثان وإلى ما هو أشد وأشنع من الفسق وهو الشرك.
وقوله: (دار رزقهم) من الدرور وهو الصب والسيلان. (إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا)، الليت بالكسر: صفحة العنق، والإصغاء: الإمالة، أي: يصعق السامع خوفًا ودهشة، فيسقط رأسه قواه فيميل ليتًا ويرفع ليتًا، والإسناد مجازي إن كان للنفخ، وإن كان لأحد فحقيقي، وقيل: إن هذا عبارة عن تطلب المستمع حقيقة ما ورد على سمعه من الصوت، وتعقب بأن هذا إنما يوجد في استماع الأصوات التي يبقى من الإنسان عند استماعها حس أو شعور، والأمر في استماع النفخة أعظم وأهون من ذلك، وإنما المراد أن السامع يدهش ويسقط عقله أو يموت وينشق قلبه، فيظهر أثر