ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فاقرؤا إِن شئْتم {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآيَة [النساء: 159]. . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لقوله: (فيكسر الصليب. . . إلى آخره)، أي: لمجموع ما ذكر، والمعنى يتقوى ويتأكد أمر الدين والعبادة حتى يبلغ اجتهاد الناس وشوقهم إلى هذا المبلغ، ويجوز أن يتعلق بـ (يفيض المال) بعد تقيده بقوله: (حتى لا يقبله أحد) أي: أنهم يعرضون عن الدنيا وأموالها لكثرتها وعدم الاحتياج إليها، فلا طاعة في بذله والتصدق به، فلا يشتغلون إلا بالصلاة.

وقوله: (فاقرؤوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}) ذكروا في تفسير هذه الآية وجهين: أحدهما: أن الضميرين المجرورين لعيسى عليه السلام، أي: وأن من أهل الكتاب أحدًا لا يؤمننّ بعيسى قبل موته، وذلك إذا نزل من السماء حين يخرج الدجال فيهلكه، فلا يبقى أحد من أهل الكتاب اليهود والنصارى إلا يؤمن به، حتى تكون الملة واحدة وهي ملة الإِسلام، وهذا هو المشار إليه في الحديث بقوله: ثم يقول أبو هريرة: فاقرؤوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} الآية.

وثانيهما: أن الضمير الأول لعيسى والثاني في (قبل موته) لـ (أحد) المقدر مستثنى منه، والمعنى: ما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن بعيسى أنه عبد اللَّه ورسوله وابن أمته قبل أن يموت، ولو حين يزهق روحه ولا ينفعه إيمانه، ويؤيد ذلك أنه قرئ إلا ليؤمنن قبل موتهم بضم النون؛ لأن أحدًا في معنى الجمع، وهذا للتحريض على معالجة الإيمان قبل أن يضطروا ولم ينفعهم إيمانهم، وقيل: على هذا التقدير الضمير في (به) لنبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أو للَّه سبحانه، والمراد الإيمان به تعالى على ما ينبغي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015