وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى يَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: أَبْيَضُ مِثْلُ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (أنكرها) أي: امتنع عن قبول الفتن ولم يتأثر بها. وقوله: (حتى يصير) غاية للأمرين، وصحح بالرفع والنصب، و (حتى) على الأول حرف الابتداء نحو: مرض حتى لا يرجونه، وعلى الثاني للغاية، ويروى بلفظ التذكير، فالضمير للإنسان المفهوم من السياق، وبالتأنيث فالضمير للقلوب، والمعنى على الأول: يصير جنس الإنسان مشتملًا على نوعين من القلب، وعلى الثاني: يصير القلوب على نوعين، وصحح (أبيض) بالرفع على الخبرية، وبالنصب بدلًا مع ما عطف عليه من (قلبين)، والظاهر هو الأول؛ لقوله: (والآخر أسود).
وقوله: (مثل الصفا) بالقصر: حجر أبيض شديد البياض، وفي (القاموس) (?): الصفا: الحجر الضخم الصلد لا ينبت.
وقوله: (مثل الصفا) المتبادر من العبارة أن التشبيه لبيان بياضه، ولكن المراد بيان أنه مع وجود البياض متصف بالشدة والصلابة، حتى إنه لا يتأثر بالفتنة أصلًا.
وقوله: (مربادًا) منصوب على الحال أو الذم، بضم الميم وسكون الراء وتشديد الدال، اسم فاعل من اربادّ يربادُّ كاحمارّ يحمارُّ محمارًّا، والربدة بالضم: لون إلى الغبرة، وقد اربدّ واربادّ كاحمرّ واحمارّ، وقد روي (مربئدًّا) بهمزة مكسورة، وهي لغة من نجد في الهرب عن التقاء الساكنين، ويقول: (احمأر) بهمزة بعد الميم، وقد قرئ قوله: {ولا الضألين} بهمزة بعد الضاد المعجمة على هذه اللغة.