"أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4278].

5375، 5376 - [6، 7] وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ هَذَا الأَمْرَ بَدَأَ نُبُوَّةً وَرَحْمَةً،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(أمتي هذه أمة مرحومة) الحديث، قد وردت الأحاديث في تخصيص الأمة المحمدية بفضائل ومناقب ليست للأمم السالفة، منها اختصاصهم بالرحمة الخاصة المنجية من عذاب الآخرة، وتكفير المصائب والبلايا الواقعة عليهم في الدنيا ذنوبهم، حتى قيل: إن عذاب القبر من خصائصهم حتى يمحص اللَّه ذنوبهم في البرزخ، ويذهب بهم في الآخرة طاهرين مطهرين لا غبار عليهم، وقد قيل: تخصيصهم ببشارة {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53]، وقد ورد في شان أمة نوح {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 4] بـ {مِنْ} التبعيضية، ونجاتهم ووصولهم بشفاعة سيد المرسلين إلى أعلى الدرجات، وقد ادخر -صلى اللَّه عليه وسلم- دعاءه لهم يوم القيامة الذي بشر بإجابته، وأما ورود الأحاديث بتعذيب مرتكبي الكبيرة فلا ينافيه؛ إذ هو في مشيئة اللَّه؛ لقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] عمومًا وخصوصًا، وليس واقعًا حتمًا في الناس كلهم، وبالجملة هذه الأمة مخصوصة بمزيد عناية اللَّه، ورحمته تقتضي نجاتهم، ويرجى العفو عنهم والمغفرة لهم ما لا يرجى لغيرهم، والكل في مشيئة اللَّه تعالى لا يجب عليه شيء، لكن وقوع الوعد مرجو، وهذا هو المراد من هذا الحديث، والأحاديث كثيرة في ذلك، واللَّه أعلم.

5375، 5376 - [5، 6] (أبو عبيدة، ومعاذ بن جبل) قوله: (إن هذا الأمر) أي: أمر الدين (بدأ) من البداية، وفي بعض النسخ: (بدا) من البدو بمعنى ظهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015