تَتَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الأَهْوَاءُ كمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ". [حم. 4/ 102، د: 4597].

173 - [34] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي -أَوْ قَالَ: أُمَّةَ مُحَمَّدٍ- عَلَى ضَلَالَةٍ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (تتجارى بهم تلك الأهواء) الهوى ما تدعو إليه النفس وشهوتها، والهوى من الهُوِيِّ بضم الهاء وكسر الواو وتشديد الياء بمعنى السقوط؛ لسقوط صاحبها وانكبابه إلى ما يهويه، يقال: جاراه مجاراة وجراءً وجرى معه، وأكثر ما يستعمل في الأقوال؛ لأن كل واحد من الصاحبين يجري مع الآخر، وسيأتي في (كتاب العلم): (من طلب العلم ليجاري به العلماء)، أي: يجري معهم بالمناظرة والجدال، والمراد سراية الأهواء في عروقهم ومفاصلهم، كما يسري الكَلَب بمحاحبه، والكلب بفتح اللام: داء يعتري الإنسان من عض الكلب، والكلِب بكسر اللام: الكلب الذي يأخذ شبه جنون فيكلب، أي: يأكل بلحوم الناس، فإذا عقر إنسانًا يستولي عليه شبه الماليخوليا لا يكاد يبصر الماء؛ وإذا أبصره فزع وربما مات عطشًا ولم يشرب، وهذه علة تستفرع مادتها على سائر البدن، وتسري في العروق والمفاصل، وتتولد منها أعراض ردية، وإذا عض هذا الشخص غيره عدا إليه، وإنما شبه حالهم بحال صاحب الكلب لاستيلاء الأهواء عليهم استيلاء تلك العلة على صاحبها وسرايتها فيه، ولما فيه من المضرة المعدية، ولتنفُّرهم من العلم وامتناعهم من قبوله مع شدة مساس حاجتهم إليه حتى يهلكوا جهلًا في مهواة البدعة وتيه الضلال، أعاذنا اللَّه من ذلك.

173 - [34] (ابن عمر) قوله: (إن اللَّه لا يجمع أمتي على ضلالة) وهذه خاصة ومنقبة خص اللَّه أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بها فضلًا منه ومنة، وقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015