. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو عن السؤال، وقال في حديث عمر -رضي اللَّه عنه-: وددت أني أسلمت -وفي رواية: نجوت- من الخلافة كفافًا لا عليّ ولا لي.
الكفاف: ما لا يفضل عن الشيء، ويكون بقدر الحاجة، وقيل: أراد مكفوفًا عني شرها، وقيل: أي: تنال مني ولا أنال منها، أي: تكف عني وأكف عنها.
وقال في (مشارق الأنوار) (?) في هذا الحديث: القوت بالضم: ما يمسك رمق الإنسان، وهي الغنية، قال صاحب (العين): هو المسكة من الرزق، قال ابن دريد: يقال: قات أهله قوتًا بالفتح، وأقاتهم أيضًا، وهي البلغة من العيش.
إذا عرفت معنى القوت والكفاف عرفت أنهما متحدان أو قريبان في المعنى، وأنه يفهم من بعض عباراتهم أن القوت بمعنى ما يسدّ الرمق، والكفاف بمعنى القدر المحتاج إليه، ومع ذلك المراد في الحديث هو الكفاف، وكذا قال الطيبي (?): هذه الرواية مفسرة للرواية الأولى، ثم اعلم أن الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال، فمنهم من يعتاد قلة الأكل حتى إنه يكاد يصبر يومًا أو يومين، ومنهم من يعتاد الأكل في يوم مرة أو مرتين، ومنهم من له عيال قليل أو كثير، ومنهم من لا عيال له، ويختلف باختلاف الأزمان وحال الضعف والمرض، ففي زمان الجدب والعسر يكفي الأدنى، وحال اليسر والقوة يزيد على ذلك، فمقدار الكفاف غير مضبوط، والمحمود ما يتقوى به على الطاعة والحركات العادية، وقال الطيبي: فيه إرشاد للأمة إلى أن الزيادة على الكفاف لا ينبغي أن يتعب الرجل في طلبه لأنه لا خير فيه، فكثرة