طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لا كغيره نطفة في الأطوار فصبيًا فرجلًا، أو على صورته التي لا يشاركه [فيها] نوع آخر من الحيوانات؛ فإنه يوصف مرة بالعلم، ومرة بالجهل، ومرة بالاجتباء، ومرة بالعصيان، والظاهر أن الصورة على هذا الوجه بمعنى الصفة، أو على الصورة الخاصة التي أبدعها، وجعلها نسخة جامعة من جملة المخلوقات، إذ ما من مخلوق إلا وله مثال في صورته، ولهذا قيل: هو عالم صغيرٌ.

ويمكن أن تكون الصورة على هذا التقدير أيضًا بمعنى الصفة، يعني خلقه على صفات جامعة لصفات العالم كله، أو الصورة بمعنى الأمر والشأن في كونه مسجود الملائكة، مالكًا للحيوانات، مسخرًا لها، وقيل: الضمير للأخ في قوله: (إذا ضرب أحدكم أخاه فليجتنب الوجه)، وجاء في رواية أخرى: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلًا يضرب وجه غلام، فقال: (لا تضرب الوجه؛ فإن اللَّه تعالى خلق آدم على صورته)، كأنه قيل هذا المضروب من أولاد آدم فاجتنبوا ضرب أشرف أجزائه؛ إذ أكثر الحواس فيه، ويضعف هذين الوجهين أنه قد جاء في حديث آخر: (خلق آدم على صورة الرحمن)، وقيل: لم يثبت هذا عند المحدثين، واللَّه أعلم.

وقوله: (طوله ستون ذراعًا) أي: هذا أنسب بجعل الضمير (لآدم) المفيد لكونه مخلوقًا من أول أمره كما هو، فيكون كالبيان لخلقه على صورته، وأما على تقدير كون الضمير للَّه يكون بيانًا لوصف آخر له بعد ذكر كونه مخلوقًا على صفته تعالى، وأما على تقدير كون الضمير للأخ؛ فلا يخلو ربطه بما قبله عن بعد، وإنما خص بيان الطول بالذكر لكونه مما لا يتعارف بخلاف سائر صفاته التي كانت عليها.

وفي (القاموس) (?): الذراع بالكسر: من طرف المرفق إلى طرف الأصبع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015