ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3622، م: 2272].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد وقع في بعض الأحاديث تسمية يثرب، فقيل: إن ذلك قبل ورود النهي، وهذا الحديث أيضًا يحتمله، أو لبيان أصل الجواز، والنهي تنزيهي، والمدينة في الأصل اسم لبيوت مجتمعة جاوزت في الكثرة والعمارة حد القرية، ولم يبلغ حد المصر، فالمصر فوق الكل، والقرية تحت الكل، والبلد والمدينة بينهما في مرتبة واحدة، وبعضهم جعلوا المصر والمدينة في مرتبة، والمدينة بالألف واللام علم لمدينة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غلب عليه كالنجم، والنسبة إليها مدني، وإلى غيرها مديني.
قال الجوهري (?): إذا نسبت إلى مدينة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قلت: مدني، وإلى مدينة المنصور مديني، وإلى مدائن كسرى مدائني، وقال الحافظ المقدسي: قال البخاري: المديني من أقام بمدينة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يفارقها، والمدني هو الذي تحول عنها، كذا ذكر الكرماني، ولهذه البلدة الشريفة أسماء تجاوز المئة، وقد ذكرنا نبذة منها في كتاب (جذب القلوب إلى ديار المحبوب).
وقوله: (فإذا هو ما جاء اللَّه به من الفتح واجتماع المؤمنين) المراد هو ما حصل من الفتح في ذلك اليوم؛ لأن المسلمين تزلزلوا عن مركزهم الذي أمرهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الثبات فيه، وضربوا على الغنائم، ثم رجعوا إلى الاستقامة فظهرت آثار الفتح والنصرة، ويحتمل أن يكون المراد ما حصل من الفتوح بعد يوم أحد، فافهم.
واعلم أن هذه الرؤيا إن كانت قبيل غزوة أحد فما رأى أحوال الهجرة والخروج، لها أحوال سابقة عليها أريت له -صلى اللَّه عليه وسلم- الآن، وإن كانت في بدء الهجرة أريت