. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الولاية ظل النبوة، فعلى هذا التوجيه لا يرد ما يقال: إن جزء النبوة لا يكون إلا مع النبوة، لأن الجزء وإن كان وجد بدون الكل، ولكن ليس في تلك الحالة جزءًا له إلا باعتبار ما كان وهو مجاز، فينبغي أن لا تثبت الرؤيا الصالحة لغير النبي، والحال أنها ثابتة له، وإن النبوة نسبة وصفية وكون الرؤيا الصالحة جزءًا لها لا معنى له، فما معنى كونها جزءًا منها؟ وإن النبوة قد ذهبت والرؤيا الصالحة باقية، فكيف يصح كونها جزءًا منها؟ ولا يحتاج إلى أن يجاب عن الأول بأن المراد أن الرؤيا جزء من النبوة في حق الأنبياء؛ لأنه كان يوحى إليهم في المنام مع انتقاض هذا الجواب بما جاء في الحديث الآخر منه: (أن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين)، الحديث.
وعن الثاني والثالث بأن المراد أن الرؤيا جزء من أجزاء علوم النبوة، وعلوم النبوة باقية كما جاء في الحديث: (ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، وهي الرؤيا الصالحة)، كذا قال الطيبي (?) مع أنه لا يخفى أن الرؤيا ليست جزءًا من علوم النبوة، بل من طرق علومها؛ لأن الرؤيا من طرق العلم، وبأن المراد أن الرؤيا تأتي على وفق النبوة لا أنها جزء منها حقيقة باقية بعد.
وهذا الجواب اعتراف بعدم الجزئية كما قلنا مع أنه لا يظهر المراد من قولهم: إن الرؤيا تأتي على وفق النبوة، ولعل المراد أن الرب تعالى كما يخص بمحض فضله من يشاء من عباده بموهبة النبوة كذلك يخص بعض عباده بعطية الرؤيا، وفهم هذا المعنى من العبارة غير متضح، وبأن النبوة هنا بمعنى الإنباء يعني أن الرؤيا إخبار صدق لا كذب فيه، مع أن هذا المعنى أيضًا لا يناسب الجزئية ولا يثبتها، ولا يناسب اعتبار