غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 5458].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا) صححوا هذه العبارة، وبينوا معناها على وجوه، أحدها: رفع (غير) و (ربنا)، فهذه كلها صفات للرب تعالى، و (ربنا) مبتدأ و (غير مكفي) خبره، (ولا مودع ولا مستغنى عنه) عطف عليه بزيادة (لا) للتأكيد كما في {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، و (مكفي) من الكفاية، والمعنى أن اللَّه تعالى هو المطعم والكافي وهو غير مطعم ولا مكفى أخذًا من قوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: 14]، واعتبار عدم الكفاية في الإطعام باعتبار المقام وإلا جاز اعتبارها مطلقًا؛ إذ الرب تعالى يكفي من كل شيء ولا يكفي منه شيء، (ولا مودع) أي: غير متروك الطلب إليه والرغبة فيما عنده، (ولا مستغنى عنه) معناه ظاهر.

وقد كتب في بعض النسخ: (غير مودع) بكسر الدال، أي: غير تارك عبده الملتجئ إليه خائبًا، إشارة إلى مضمون قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3].

ويجوز أن يكون رفعهما لكونهما خبرين لمبتدأ محذوف، أو لكون (غير) خبرًا، و (ربنا) بدلًا منه، ويمكن أن يكون رفع (ربنا) أو رفعهما على المدح.

وثانيها: نصب (غير) و (ربنا)، فنصب (ربنا) على النداء بحذف حرف النداء أو على المدح، وأما نصب (غير) فعلى الحال إما من الطعام الدال عليه سياق الكلام أو نحو ذلك، و (مكفيء) مهموز من كفأت الإناء، أي: قلبته، والمكفيء: الإناء المقلوب للاستغناء عما فيه أو لعدمه، فالحمد للَّه على إطعام الطعام أو على ما رزقنا هذا الطعام حال كون الطعام غير مقلوب ولا مردود، ويقرب منه في المعنى (ولا مودع)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015