وَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتُ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَقَالَ: "قَرِّبُوهَا" إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَقَالَ: "كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُناجِي". . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومجلس الرسول وعظماء أصحابه، ولكن يباح له المصاحبة والمجالسة مع سائر الناس من أهل البوادي والأسواق، أو لم يجالس أحدًا من الناس ويقعد في بيته وأهله المشاركين له غالبًا في أكلهما، فهذا أولى بحال المؤمن في عدم إيذاء الناس، وعدم زيادة لفظ (قال) على قوله: (أو ليقعد) كما زاد على قوله: (فليعتزل مسجدنا)، ربما يرجح الاحتمال الثاني فليفهم.
وقوله: (أتي بقدر) بكسر القاف معروف، وفي رواية: (ببدر) بموحدة مفتوحة بدل القاف، وهو طبق يتخذ من الخوص، سمي به لاستدارته كالبدر، وقالوا: هذا أصوب؛ أما رواية فهم أعرف بذلك، وأما دراية فلأن الظاهر المتعارف إهداء الطعام في الطبق دون القدر، إلا أن يقال: إن هذا الطعام الذي فيه الخضرات تناسب القدر، والأمر في ذلك سهل، و (الخضرات) بفتح الخاء وكسر الضاد، في (القاموس) (?): الخضر ككتف: البقلة الخضراء، ويروى بضم الخاء وفتح الضاد بمعناه، والأول أصح، والمراد مثل الثوم والبصل.
وقوله: (قربوها إلى بعض أصحابه) أي: مشيرًا إلى بعض أصحابه، أي: قال: قربوها إلى فلان.
وقوله: (قربوها) يؤيد رواية القدر؛ لأن القدر يذكر ويؤنث بخلاف البدر، ويجوز أن يرجع إلى الخضرات.
وقوله: (فإني أناجي من لا تناجي) أراد به جبرئيل عليه السلام والملائكة، أي: أكلمهم