. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال اللَّه، فعمل ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حياته، ثم توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أبو بكر: فأنا ولي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنتم حينئذٍ، فأقبل على عليٍّ وعباسٍ وقال: تذكران أن أبا بكر عمل فيه كما تقولان، واللَّه يعلم أنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى اللَّه عزَّ وجلَّ أبا بكر، فقلت: أنا ولي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر، فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر، واللَّه يعلم أني فيه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني كلاكما، وكلمتكما واحدة، وأمركما جميع، فجئتني -يعني عباسًا- فقلت لكما: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (لا نورث ما تركنا صدقة).
فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت: إن شئتما دفعته إليكما، على أن عليكما عهد اللَّه عزَّ وجلَّ وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وما عملت فيه منذ وليت، وإلا فلا تكلماني، فقلتما: ادفعه إلينا بذلك، فدفعته إليكما، أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فواللَّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، لا أقضي بقضاء غير ذلك، حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنه فادفعا إلي فأنا أكفيكماه.
قال -يعني الزهري-: فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير، فقال: صدق مالك ابن أوس، أنا سمعت عائشة -رضي اللَّه عنها- زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، تقول: أرسل أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عثمان إلى أبي بكر، يسألنه ثمنهن مما أفاء اللَّه عزَّ وجلَّ على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكنت أنا أردهن، فقلت لهن: ألا تتقين اللَّه، ألم تعلمن أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: (لا نورث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال)؟ فانتهى أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ما أخبرتهن، قال -يعني عروة-: فكانت هذه الصدقة بيد علي، منعها عليٌّ عباسًا فغلبه عليها، ثم كان بيد حسن ابن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن حسين، وحسن بن حسن، كلاهما