فَكَتَبَ: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ بِالسِّلَاحِ إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا"، فَلَمَّا دَخَلَهَا، وَمَضَى الأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1844، م: 1773].
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (فكتب) أي: بيده، وإلى هذا ذهب بعض، أو أمر بكتابته.
وقوله: (فلما دخلها) أي: العام القابل (ومضى الأجل) وهو ثلاثة أيام.
تنبيه: واعلم أنه قد وقع الاختلاف بين العلماء في كتابته -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقيل: لم يكتب قط، ولم يكن يحسن أن يكتب لوصفه تعالى إياه بالأمي، والأمي من لا يقرأ عن الكتاب ولا يخط ويكتب، وقيل: كتب بعد ما قام الحجة على نبوته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وانحسمت الشبهة، وذهب الارتياب، وظاهر هذا الحديث حجتهم، وتأول المنكرون أن المراد به الأمر بالكتابة بطريق المجاز المشهور، هذا حاصل خلافهم وكلامهم في ذلك، وتفصيله ما ذكر في (فتح الباري) (?) ولا علينا أن ننقله، فنقول: قال الشيخ: قد تمسك بظاهر رواية البخاري في (المغازي): فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللَّه، وبه قال أبو الوليد الباجي، فادعى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتب بيده بعد أن لم يكن أن يكتب، فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه ورموه بالزندقة، وأن الذي قاله يخالف القرآن، حتى قال قائلهم:
برئت ممن شرى دنيا بآخرة ... وقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد كتبا