"طُولُ الْقِيَامِ" قِيلَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "جُهْدُ الْمُقِلِّ" قِيلَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ هَجَرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ" قِيلَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ جَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ، قِيلَ: فَأَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ؟ قَالَ: "مَنْ أُهْرِيقَ دَمُهُ، وَعُقِرَ جَوَادُهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيْمانٌ لَا شكَّ فِيهِ، وَجِهَادٌ لَا غُلُولَ فِيهِ، وَحَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ" قِيلَ: فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "طُولُ الْقُنُوتِ". ثُمَّ اتَّفَقَا فِي الْبَاقِي. [د: 1449، ن: 2526].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأفضل في حق السائل، أو المقصود من أفضل الأعمال، وقد سبق الكلام في مثله في موضعه فتدبر.
وقوله: (طول القيام) أي: في الصلاة، و (جهد المقل) أي: تصدق الفقير من ماله مع احتياجه إليه فيعطيه بجهد ومشقة، وهذا إذا صحَّ التوكُّلُ ولم يُضِعْ حقَّ العيال، وقد سبق بيانه في (كتاب الزكاة) في (باب أفضل الصدقة).
وقوله: (من هجر) أي: هجرةُ مَنْ هجَرَ بحذف المضاف، وكذا في قرينه.
وقوله: (وعقر جواده) يعني بذل نفسه وماله وجواده، وقيل: عقر الجواد كناية عن غاية الشجاعة، وتغييرُ الأفضل إلى الأشرف في القتل تفنُّنٌ مع تضمن زيادة المبالغة في باب فضل هذه الخصلة.
وقوله: (إيمان لا شك فيه) إشارة إلى قوة اليقين وكماله، وإلا فالإيمان لا يكون مع الشك إلا أن يُكتفى فيه بغَلَبةِ الظنِّ كما قيل، والمراد بالشك معناه اللغوي لا تَساوي الطرفين، و (الغلول) الخيانة في الغنيمة، والمراد بالحَجَّة المبرورة المقبولةُ، وقد سبق في كتاب الحج، و (القنوت) بمعنى القيام.