تَغْزُو فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ إِلَّا كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورِهِمْ، وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تُخْفِقُ وَتُصَابُ إِلَّا تَمَّ أُجُورُهُمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1906].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أهل السير على أن يطلقوا الغزو على ما كان فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بنفسه الكريمة، والسرية على ما لم يكن فيها، والغزو بمعنى اللغة يتناولهما معًا، ولهذا قال: تغزو في كلا الصورتين، يعني أن هذا الحكم ثابت في الغزو الكثير والقليل، فـ (أو) ليس للشك، ويحتمل أن يكون للشك من الراوي في أن لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما من غازية، أو ما من سرية.
وقوله: (إلا كانوا قد تعجلوا) أي: في الدنيا ثلثي أجورهم، أي: الغنيمةَ والسلامةَ، وبقي ثلث أجورهم يستوفونه يوم القيامة، وعلى هذا من سلم ولم يغنم استوفى ثُلثَ أجوره وبقي ثلثان، وذلك بسبب ما قصد بغزوه محاربة أعداء اللَّه ونصر أوليائه.
وقوله: (تخفق) من الإخفاق، ومعناه أن تغزو ولا تغنم وتخيب من ذلك، والإخفاق أن تغزو فلا تغنم شيئًا، وكذا كل طالب حاجة إذا لم يقضِ حاجتَه، وأصله من الخَفْق وهو التحرُّك، خَفَقَت الرايةُ تخفِقُ وتخفُقُ خَفْقًا وخَفَقانًا: اضطربت وتحركت، وكذا السراب، كاختفق، وخفق النجم يخفق خفوقًا: غاب، والخفق: تغيب القضيب في الفرج، والخفقان محركة: اضطراب القلب، والمعنى صار فيه الغنيمة خافقة غير ثابتة مستقرة.
وقوله: (وتصاب) أي: الغازيةُ أو السريةُ، من المصيبة بمعنى تُقتَلُ، فهنا أقسام متعددة: السلامة مع الغنيمة، وعدمها، والهلاك، وكل محسوب، فإن اللَّه لا يضيع أجر المحسنين، وتمام الأجر في عدم الغنيمة مع القتل، والجرح أيضًا محسوب على