أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ فَقَالَ: "يَا أَمَّ حَارِثَةَ! إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (يوم بدر) موضع معروف يذكر ويؤنث، وقعت فيه الغزوة التي أعز اللَّه بها الإسلام بقتل صناديد قريش كأبي جهل وأضرابه، قيل: هي اسم ماء، وقيل: اسم بئر حفرها بدر بن قريش، وقيل: كان البئر يرى فيه البدر.
قوله: (سهم غرب) في (القاموس) (?): أصابه سهمُ غربٍ ويحرك، وسهمٌ غربٌ نعتًا، أي: لا يُدرَى راميه. وقال في (المشارق) (?): قوله: (فأصابه سهم غرب) يقال على النعت بفتح الراء وسكونها، قال أبو زيد: فبفتح الراء إذا رمى شيئًا فأصاب غيره، وبسكونها إذا أتى السهمُ من حيثُ لا يُدرَى، وقال الكسائي والأصمعي: إنما هو سهمُ غَرَبٍ بفتح الراء مضافًا الذي لا يُعرَفُ راميه، فإذا عرف فليس بغرب، قال: والمحدثون يسكنون الراء والفتح أجود وأكثر في لسان العرب، وقال ابن سراج: والإضافة أيضًا مع فتح الراء ولا يضاف مع سكونها، انتهى. وقال: والغرب بالتحريك ضرب من الشجر، يقال له بالفارسية: سبسدار، قد يتخذ منه السهام فيقال: سهم غرب، فيضاف ولا يضاف، والذي ذكرناه في الحديث ليس من هذا في شيء.
وقوله: (وإن كان غير ذلك) بالرفع على أن (كان) تامَّةٌ، وقد ينتصب، أي: إن كان الأمر غيرَ ذلك، و (ذلك) إشارةٌ إلى كونه في الجنة.
قوله: (إنها جنان في الجنة) الضمير للقصة، والجملة -أعني (جِنانٌ فِي الجنَّة) -