فَإِنْ قَالَ: أَلْقِهْ أَلْقَاهُ فِي مَهْوَاةٍ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 4097، جه: 2311، شعب: 7127].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في (يرفع) للملك وفي (رأسه) للحاكم، كأنه شبه رفع الملك رأسه برفع الغُلِّ رأسَ المغلول، فإن المغلول يكون رأسه مرفوعًا إلى السماء لا يستطيع أن يتحرك، يقال: أقمَحَه الغُلُّ: إذا ترك رأسَه مرفوعًا من ضيقِه، هذا والظاهر عندنا أن يكون ضمير (رأسه) أيضًا للملك كضمير (يرفع) أي: ينتظرُ حكمَ اللَّه فيه كما هو عادة من يقيم عاصيًا عند السلطان، فيأخذ قفاه وينظر إلى السلطان مستو على مكان عالٍ، وينتظر ما يحكم فيه، وهذا المعنى أشد ملاءَمةً بقوله: (فإن قال) أي: اللَّه سبحانه: (ألقه) في جهنم، (ألقاه) الملَكُ (في مهواة أربعين خريفًا) والمهواة محل سقوط، والهُوَّة على وزن القوة: ما انهبط من الأرض، أو الوهدة، والمهواة كالهواء: الجوّ، وهَوى الشئُ: سقطَ من علو إلى سُفْلٍ كأهوى وانهوى، كذا في (القاموس) (?).
و(الخريف): الزمان المعروف من فصول السنة، والمراد به السنة لأن الخريف لا يكون في السنة إلا مرة واحدة، ولأنهم يعتبرون ابتداء السنة منه، ولذا خصه بالذكر، والمراد بالأربعين المبالغة في عمق المهواة لا التحديد بهذه المدة، ومهواة منون في أكثر الروايات، وجاء بالإضافة، وهذا يكون في الحاكم إن كان ظالما، ودلّ بقوله: (فإن قال: ألقه) على ما يقابله، أي: وإن قال: أَدْخِلِ الجنةَ أُدْخِلَها، وهذا كحديث أبي أمامة المذكور في الفصل الثالث من (كتاب الإمارة والقضاء) من قوله: (ما من رجل يلي أمرَ عشرةٍ فما فوقَ ذلك إلا أتى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مغلولًا يوم القيامة يده إلى عنقه، فكَّه برُّه أو أوبقَه إثمُه)، وكان قوله في ذلك الحديث: مغلولًا هو الذي حمل الطيبي على