وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ" قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ: "لَا مَا صَلَّوْا، لَا مَا صَلَّوْا" أَيْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1843].
3672 - [12] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لنا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المداهنة والنفاق، و (من كره) أي: أنكره بالقلب، ولم يقدر على إنكاره باللسان ومنعه عن ذلك، (فقد سلم) من المشاركة في الوِزْر والوَبَال، و (لكن من رضي) ولم يكره بالقلب، و (تابع) أي: وافقهم فهو كالذي شاركهم، وكان المراد بالمتابعة أن لا ينكرَ عليهم باللسان، لا الموافقةَ فِي العمل، فإنه شريك لهم حقيقةً، وبهذا يشهدُ سَوقُ الكلامِ، فافهم.
هكذا شرحوا هذا الكلام، وهو يوافق ما جاء في رواية أخرى: (ومن أنكر بلسانه فقد برئ، ومن أنكر بقلبه فقد سلم)، وهو صريح في ذلك، وتفسير الراوي بقوله: (أي: من كره بقلبه وأنكر بقلبه) يدل على أن المراد بالإنكار والكراهة جميعًا فعلُ القلب، وهو يوجب التكرار في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فمن أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم)، كما لا يخفى، ولهذا رد بعضهم هذا التفسير، ولكن يبعد ردُّ تفسيرِ الراوي نفسِه الحديث، فتوجيهه أن الإنكار أشد من الكراهة وإن كان كلتاهما بالقلب، فإن أنكر حق الإنكار فقد يفضي إلى المكافحة بلسانه بل إلى الجهاد بخلاف الكراهة، فإنه أضعف من الإنكار، وبهذا الاعتبار وقع في بعض الأحاديث أن ذلك أضعف الإيمان، فتأمل.
3672 - [12] (عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (أثرة) بفتحتين، كما مرّ، وضبط