. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بأحوال النباتات أنها مسكرة، قالوا: ومن القنب الهندي نوع ثالث يقال له: القنب ولم أره بغير مصر، ويزرع في البساتين يسمى الحشيشة أيضًا، وهو يسكر جدًا إذا تناول منه الإنسان يسيرًا قدر درهم أو درهمين حتى إن من أكثر منه أخرجه إلى حد الرعونة، وقد استعمله قوم فاختلت عقولهم وربما قتلت، وأما الفقهاء فقوم أجابوا بأنها مسكرة، منهم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابه (التذكرة في الخلاف) والنووي في (شرح المهذب)، ولا يعرف فيه خلاف عندنا، وقد يدخل فيهم السكران الذي اختلط كلامه المنظوم، وباح بسرِّه المكتوم، أو الذي لا يعرف السماء والأرض، ولا الطول من العرض، ويحكى عن بعض من تناولها أنه إذا رأى القمر يظنه لُجّة ماء فلا يقدم عليه، ونقل عن أبي العباس بن تيمية أنه قال: الصحيح أنها مسكرة كالشراب فإن آكليها يَنْشَوْنَ بها بخلاف البنج وغيره، فإنه لا يُنْشِي ولا يشتهى، ولم يخالف ذلك إلا أبو العباس القرافي في (قواعده).

وقال بعض العلماء بالنباتات في كتبهم: إنها مسكرة، والذي يظهر لي أنها مفسدة، وفرق بين المُفسِد والمُسكِر والمُرقِد أن المتناول من هذه إما أن يغيب معه الحواس أو لا، فإن غابت معه الحواس فهو المرقد، وإن لم تغب معه الحواس فإما أن يحدث معه نشوة وسرور وقوة نفس عند التناول غالبًا أم لا، فإن حدث فهو المسكر وإلا فهو المفسد، فالمسكر هو المغيب للعقل مع نشوة وسرور كالخمر، والمفسد هو المشوش للعقل مع عدم السرور الغالب كالبنج، فالمسكر يزيد في الشجاعة والمسرة وقوة النفس والميل إلى البطش بالأعداء والمناقشة في العطاء، قال: فظهر بهذا أن الحشيشة مفسدة وليست بمسكرة، ثم أثبت ذلك بوجهين، واعترض عليه الشيخ بدر الدين صاحب الرسالة وأثبت أنها مسكرة، وهو الراجح،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015