. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العقل كما يظهر من كتب اللغة وإطلاق الأحاديث وأقوال الصحابة، غير أن الإمام الأجلَّ أبا حنيفة رحمه اللَّه خَصَّ اسم الخمر بالتي من ماء العنب إذا اشتد وقذف بالزبد، وادعى أن ذلك هو المعروف عند أهل اللغة، فإنهم لا يطلقون الخمر على غيره، وقال: هو حرام قليله وكثيره أسكر أو لا، وأما ما سواه من المسكرات فهي حرام بعلة الإسكار، وليست بنجس العين، وليس قليله حرامًا، ولا يكفر مستحلُّها، فإن حرمتها اجتهادية لا قطعية، ونجاستها خفيفة في رواية، وغليظة في أخرى، ويجبُ الحدُّ بها إذا أسكر بخلاف ماء العنب فإن نجاستها غليظة رواية واحدة، ويكفر مستحلها، ويجب الحد بشرب قطرة منها، ولقد تطرق من هذا القول إلى بعض البطلة الفسقة اتساع القول بإباحة هذه التي تتخذ من السكر وغيره في ديارنا التي هي أشدُّ وأسكرُ من ما يتخذ من ماء العنب بمراتب، والفتوى للفاسقين بحلها وارتكابها، ولا يدرون أن السكر حرامٌ بالاتفاق بلا شبهة، وأيُّهم يصبر عن السكر، وقليله يدعو إلى كثيره حتى يفسد العقل، ويذهبه في المسكة والصبر عنها إلى أن يفضي إلى الهلاك والميتة الشنيعة، أعاذنا اللَّه من ذلك.
ثم إباحة ما سوى الخمر من المشروبات غيرَ بالغة إلى حد السكر عندنا إنما هو إذا قصد به للتقوي للعبادة، أما إذا قصد به التلهِّيَ لا يحل بالاتفاق؛ لأن اللهو حرام، كذا قالوا، هذا وقد اشتهر من مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف خلافًا لمحمد حِلُّ المثلَّث وهو عصير العنب إذا طُبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، ذلك أيضًا إذا شربها لقصد التقوي على العبادة، كذا في (الهداية) (?)، وذكر في (الكافي) والسغناقي أنه سئل