قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ قَالَ: "فَتُبَرِّئُكُمْ. . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

إشكالان أحدهما: أنه كيف أمر بتقديم الأكبر مع أن المدَّعيَ كان هو الأصغرَ، أعني عبدَ الرحمن؟ وثانيهما: أنه كيف عرضت اليمين على الثلاثة، والوارث هو عبد الرحمن خاصة؟ أجيب عن الأول بأن المراد كان سماع صورة القضية، فإذا أريد حقيقة الدعوى تكلم المدعي، وبأنه يحتمل أن عبد الرحمن وكَّلَ حويصة وهو الأكبر، وعن الثاني بأنه أورد لفظ الجمع لعدم الالتباس.

وقوله: (أمر لم نره) أي: كيف نحلف وصدور القتل أمر لم نشاهده.

وقوله: (فتبرئكم) من الإبراء، وفي بعض النسخ: (فتبرِّئكم) من التبرئة، أي: يرفعون منكم الظن والتهمةَ منهم، وظاهره أنهم إذا حلفوا ارتفعت الدية عنهم كما هو مذهب الشافعي؛ ولأن اليمين عهدت في الشرع مبرئة للمدعى عليه لا ملزمة كما في سائر الدعاوى، وعندنا يجب الدية مع وجود أيمانهم؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع بين الدية والقسامة في حديث سهل، وفي حديث زياد بن أبي مريم، كذا في (الهداية) (?).

وذكر في شرحه (?): أنه روي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتب إلى أهل خيبر: أن هذا قتيل وجد بين أظهركم، فما الذي يخرجه عنكم؟ فكتبوا إليه: أن مثل هذه الحادثة وقعت في بني إسرائيل، فأنزل اللَّه تعالى على موسى أمرًا؛ فإن كنت نبيًا فافعل ذلك، فكتب إليهم أن اللَّه تعالى أراني أن أختار [منكم] خمسين رجلًا فيحلفون باللَّه: ما قتَلْنا ولا نعلَمُ له قاتلًا، ثم يؤدُّون الدية، قالوا: لقد أصبتَ.

وروى حفص عن زياد بن أبي مريم أنه قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015