وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينهِ وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، قال أبو داود في خطبة (سننه) (?): كتبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الكتاب أربعة آلاف وثمان مئة حديث، ويكفي للإنسان في أمر دينه أربعة أحاديث منها؛ الأول: (إنما الأعمال بالنيات)، والثاني: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، والثالث: (لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه)، والرابع: (إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات) الحديث (?).
وقوله: (استبرأ لدينه وعرضه) أي: احتاط في طلب البراءة لدينه من النقصان ولعرضه من العيب والطعن.
وقوله: (كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع) والحمى هو المرعى الذي حماه الإمام ومنع من أن يرعى فيه، شبَّه المحارم بالحمى في كونها واجبَ الاجتناب عن الوقوع فيه، فلا ينبغي أن يرعى حوله مخافة الوقوع فيه، فكذلك ينبغي أن لا يقرب من المعاصي بالوقوع في الشبهات، فإنه إذا وقع فيها يوشك أن يقع في الحرام، كما أنه بالرعي حول الحمى والقرب منه يخاف أن يقع في الحمى، هذا ولكنه قال في الشبهات: (وقع في الحرام) تحقيقًا لمداناة الوقوع وتوكيدًا للمنع عن اقتراب الشبهات، وجرى في الحمى على الحقيقة بأن من يرعى حوله يوشك أن يقع فيه.