يَقُولُونَ: يَثْرِبَ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم سكن اليهود فغلبوا العمالقة، ثم جاء الأنصار فغلبوا اليهود، ثم جاء سيد المرسلين -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن معه من المهاجرين فغلبوا، وأيّ غلبة وشوكة حصلت لهم حتى شمل العالم من مشرقها إلى مغربها، وهذه الأخبار بتفاصيلها مذكورة في كتاب (جذب القلوب إلى ديار المحبوب) (?) تاريخ المدينة المطهرة على ساكنها السلام والتحية.
ومن أسماء هذه البلدة المكرمة: (أكالة القرى) و (أكالة البلدان) من جهة تسلطها وغلبتها على سائر البلدان والأمصار، وتنفيذ أمر أهلها على سائر أهل الأقطار، وحمله بعضهم على معنى زيادة الفضل والكرامة لها بالنسبة إلى فضائل سائر الأماكن، بمعنى أن الفضائل كلها مضمحلة ومتوارية في جنب فضائلها، كما سميت مكة أم القرى من جهة أصالتها وعراقتها بالنسبة إلى سائر بقاع الأرض، كما جاء في الأخبار، وقال بعضهم: مضمون (أكالة القرى) أبلغ وأكمل من معنى (أم القرى)، لأن الأمومة لا تقتضي المحو والإهلاك والإفناء إلا ثبوت الأصالة وحق الأمومة بخلاف الأكل، فإنه يقتضي التواري والاضمحلال، ولهذه البلدة أسماء كثيرة تبلغ المئة، ذكرنا نبذة منها في الكتاب المذكور.
وقوله: (يقولون: يثرب وهي المدينة) كان اسم هذه البلدة الشريفة قبل زمان النبوة يثرب وأثْرِب على وزن مسجد، فسماها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (المدينة) من التمدن واجتماع الناس واستئناسهم وائتلافهم فيها، و (طابة) و (طيبة) و (محبوبة) وغيرها من الأسماء، ونهى أن تسمى يثرب إما لأنها اسم جاهلي، أو لأنه مشتق من الثرب بمعنى الهلاك والفساد، والتثريب هو التوبيخ والملامة، أو لأنه في الأصل اسم صنم أو