ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1870، م: 1363].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الشفاعة؛ لأنها تَصرِف العذاب عمن يستحقه، أو التوبة لأنها تصرف العبد عن المعصية، وبالعدل الفدية لأنها تعادل المُفْدى، ومن الأحكام المكتوبة في الصحيفة العلوية هذا الحكم: (ذمة المسلمين واحدة) والذمة بالكسر: العهد؛ لأنه يذم على إضاعتها.

وقوله: (يسعى بها أدناهم) أي: إذا آمن أحدٌ المسلمين -ولو كان وضيعًا أو عبدًا أو امرأةً- كافرًا لم يحل لأحد نقضه، (فمن أخفر مسلمًا) أي: نقض عهده، وخفرْتُه بمعنى: حفظت عهده، وأخفرتُ بمعنى: نقضت عهده، والخفرة: الإزالة.

وقوله: (ومن والى قومًا بغير إذن مواليه) يحتمل أن يراد ولاء الموالاة؛ بأن يكون لرجل موالي فأبطل موالاتهم، واتخذ قومًا آخرين مواليَ بغير إذن مواليه والاستشارة بهم، فإن فيه نوعًا من نقض العهد والإيذاء، وقيل: المراد: من وَالى كفارًا لإيذاء المسلمين، ويحتمل أن يراد ولاء العتاقة، وهذا أنسب بما جاء في الروايات الأخرى من أقرانه، وذكرِه مع قوله: (ومن ادعى إلى غير أبيه) فإنهم قالوا: العتق له لحمة كلحمة النسب، أي: من انتسب إلى غير من هو معتِق له كان كالداعي الذي ينتسب إلى غير أبيه.

وقوله: (بغير إذن مواليه) للتنبيه على ما هو المانع من إبطال حق مواليه وعهدهم، وعلى ما هو الغالب في الوقوع، لا لتقييد الحكم بعدم الإذن حتى يجوز بإذنهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015