ـــــــــــــــــــــــــــــ
15 - باب حرم المدينة حرسها اللَّه تعالى
قد ورد في الأحاديث تحريم حرم المدينة، واختلفوا في ترتب حكم التحريم عليه، ومذهب أبي حنيفة أن معنى الحرم فيها مجرد التعظيم والتكريم من غير ثبوت أحكام أخر، مثل حرمة الصيد وقطع الشجر ولزوم الجزاء، ومن فعل شيئًا مما حرم أثم، ولا جزاء عليه، وهو قول مالك، وروايةٌ عن أحمد، وقولٌ للشافعي، وقال النووي (?): المشهور من مذهب مالك والشافعي والجمهور أنه لا ضمان في صيد المدينة وقطع شجرها، بل حرام بلا ضمان، وقال بعض العلماء: يجب فيه الجزاء كحرم مكة.
قال في (فتح الباري) (?): احتج الطحاوي على مذهب الحنفية بحديث أنس في قصة أبي عمير: (ما فعل النغير) قال: لو كان صيدها حرامًا ما جاز حبس الطير. وأجيب باحتمال أن يكون من صيد الحل، قال أحمد: من صاد من الحل ثم أدخله المدينة لم يلزمه إرساله؛ لحديث أبي عمير، وهذا قول الجمهور، لكن لا يَرِدُ ذلك على الحنفية لأن صيد الحل عندهم إذا دخل الحرم كان له حكم صيد الحرم، ويحتمل أن تكون قصة أبي عمير كانت قبل التحريم.
وقال التُّورِبِشْتِي (?): لم ير تحريم صيد المدينة إلا نفر يسير من الصحابة، والجمهور منهم لم ينكروا اصطياد الطيور بالمدينة، ولم يبلغنا فيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنه بطريق يعتمد، وقد قال لأبي عمير: (ما فعل النغير)، ولو كان حرامًا لم يسكت