"لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً"، فَقَامَ سُراقَةُ بْنُ مَالِكِ ابْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى وَقَالَ: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ" مَرَّتَيْنِ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (لو أني استقبلت من أمري. . . إلخ)، هذا الكلام توطئة وتمهيد لقوله: (فمن كان منكم ليس معه هدي. . . إلخ)، قاله تطييبًا لقلوب أصحابه وتسلية لهم، ومعناه: لو عنَّ لي هذا الرأي الذي رأيته آخرًا وأمرتكم به أولًا في ابتداء أمري في الإحرام لما سقت الهدي، وحاصله: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أصحابه بعد وصوله مكة وأدائه العمرة بخروج من لم يسق الهدي عن الإحرام، وبقاء من ساقه، فشقّ عليهم أن يحلوا ورسول اللَّه محرم ويتركوا متابعته، وأيضًا قالوا: أنحج وتقطر مذاكيرنا؟ كما يأتي، فقال لهم: قد وقع مني ما وقع من سوق الهدي، وقد أمرني اللَّه بأن من ساق الهدي لا يحل حتى ينحر، فلا يصح له فسخ الحج بعمرة بخروجه عن الإحرام، ومن لم يسق الهدي اعتمر وحل من إحرامه ثم يحرم بعد ذلك للحج، ولو كنت علمت قبل هذا أن يشق عليكم الخروج من الإحرام، لما سقت الهدي، وخرجت من الإحرام، وجعلت الحج عمرة كما أمرتكم.
وقوله: (ابن جعشم) بضم الجيم وسكون العين وضم الشين المعجمة.
وقوله: (واحدة في الأخرى) حال، أي: جاعلًا واحدة منها في الأخرى، وهي حال مؤكدة؛ لأن التشبيك لا يكون إلا هكذا.
وقوله: (دخلت العمرة في الحج) قال النووي (?): اختلف العلماء في معناه على