أنه قَرَأَ في الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: " {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ"، بَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نزَلَ وَمَشَى إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ سَعَى،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دل على أنه لا بأس بتقديم سورة متأخرة على التي تقدم، وله شواهد كثيرة في الأحاديث.
وقوله: (إلى الصفا) في (القاموس) (?): الصفاة: الحجر الضخم الصلد لا يُنبت، والصفا من مشاعر مكة بلِحْفِ أبي قبيس.
وقوله: (فاستقبل القبلة) وكان إذ ذاك تُرى الكعبة من الصفا ولم يكن حائل بينهما والآن حجبها بناء الحرم، ومع ذلك يقع النظر إليها على الركن الأسود من أحد الأبواب بحذائه.
وقوله: (حتى انصبت قدماه) أي: انحدرت في المسعى، من قولهم: صببت الماء فانصبّ: أي سكبته فانسكب، والمسعى كان إذ ذاك واديًا، ويحصل بالنزول عن الصفا انحدار وسعي، فيسعى إلى الميلين الأخضرين، والعلامة لذلك منصوبة إلى الآن في جدار المسجد، والأصل في ذلك: أن هاجر أم إسماعيل ذهبت يومًا -حين كان طفلًا- للماء، وكانت إذا دخلت الوادي حُجب إسماعيل عن نظرها فكانت تصعد