"ذَرُونِي مَا تَرَكتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نهيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1337].

2506 - [2] وعَنْهُ قَالَ: "سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ"، قِيلَ: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبْرُورٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [م: 26، م: 83].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (ذروني ما تركتكم) لأني مبعوث لبيان الشرائع وتبليغ الأحكام، فما كان مشروعًا أبيّنه لكم لا محالة ولا حاجة إلى السؤال.

وقوله: (فأتوا منه ما استطعتم) يجوز أن يكون تأكيدًا ومبالغة في إتيان ما أمر به، وبذلِ الطاقة فيه، وأن يكون إشارة إلى التيسير ورفع الحرج، كما في الصلاة وأركانها وشرائطها إذا عجز عن بعضها أتى بما استطاع، وهذا في الأمر، وأما النهي فينبغي أن يحتاط في تركه ويبذل المجهود بالغًا ما بلغ.

2506 - [2] (عنه) قوله: (أي العمل أفضل؟ ) قد وردت أحاديث مختلفة في بيان الأفضل من الأعمال، ووجه التوفيق بينها: اختلاف الجهات والحيثيات والمقامات وأحوال السائلين والمخاطبين، كما أشرنا إليه في أول (كتاب الصلاة).

وقوله: (إيمان باللَّه ورسوله) نكِّر الإيمان للدلالة على أن قليلًا منه أفضل، فما حال الكامل منه، وعرّف (الجهاد) للإشارة إلى أنه ينبغي أن يؤتى بالتام الكامل منه، فإن قليله لا يفي بالفرض منه ولا يعتدّ به.

وقوله: (حج مبرور) البِر يجيء بمعنى الخير والاتساع في الإحسان والطاعة، والمراد بالحج المبرور: ما لا يخالطه الإثم وارتكاب المناهي ولا سمعة ولا رياء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015