وَلَا نَدَامَى". قَالُوا: يَا رَسُول اللَّه! إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فضحه، والخَزْيَةُ ويُكسر: البلية.
و(ندامى) (?) جمع نادم، من نَدِمَ عليه كفَرِحَ ندمًا وندامة، وتَنَدَّمَ: أسف، فهو نادم، والمراد بالشهر الحرام الجنس، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، فكانوا لا يحاربون فيها، وكانوا فيها آمنين في الطرق تعظيمًا لهذه الأشهر وإيمانًا لزوار بيت اللَّه، وهذا الوجه الآخر يختص بما سوى رجب، وأما المحرم فإنه وإن لم يكن من أشهر الحج لكنه يحتمل التلاقي فيه وقت الرجوع، وفي بعض الحواشي فسر برجب، ولعله كان يمنعهم من الإتيان في الأشهر الحرم الأخر مانع آخر، أو أنهم أتوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد المحرم فليس قدامهم إلا رجب، ولعل إفراد الشهر بهذا، فافهم، والأمر الفصل: هو الحكم المحكم الواضح الذي لا إجمال فيه ولا إشكال، والظاهر أن المراد به واحد الأمور بمعنى الشأن لا واحد الأوامر بمعنى صيغة (افعل) إما وصف المصدر مبالغة أو بمعنى فاصل أو مفصول، و (نخبر) من الإخبار و (ندخل) من الدخول إما مجزومان على جواب الأمر أو مرفوعان على الوصفية أو الاستئناف.
وقوله: (من وراءنا) يجيء بمعنى خلف وقدام، ضدٌّ، ويحتمل الحديث كليهما، فافهم.