وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1906، 1080].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واختلفوا في معناه على وجوه، والمختار الذي عليه الجمهور أن المراد قدروا له تمام ثلاثين وأكملوا هذا العدد في الشهر الذي كنتم فيه كما في الرواية الأخرى: (فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)، قال في (المواهب) (?): وهذا مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- وجمهور السلف والخلف.
وقال بعضهم: إن المراد تقدير منازل القمر وضبط حساب النجوم حتى يعلم أن الشهر ثلاثون أو تسع وعشرون، وهذا القول غير سديد، فإن قول المنجمين غير مقبول، ولا يعتبر في الشرع، فلا يعتمد عليه إلا في رواية شاذة في الفقه، وقد نقل عن ابن شريح أنه قال: هذا لمن خصه اللَّه تعالى بهذا العلم.
وقوله: (فأكملوا العدة) خطاب للعامة، قال ابن العربي (?): فصار وجوب رمضان عنده مختلف الحال، يجب على قوم بحساب الشمس والقمر، وعلى آخرين بحساب العدد، وهذا بعيد، انتهى.
وقال التُّورِبِشْتِي (?): قد خالف ابن شريح في هذه الفتيا من جعل لأهل التنجيم مدخلًا في عبادات المسلمين، ولقد علم أن العرب لم يكن يتعاطاه وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يأباه، وإلى هذا المعنى أشار بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) الحديث، وقال: (فأكملوا العدة ثلاثين) خطابًا للعامة، وخفي عليه أن الصحابة -رضوان اللَّه عليهم- لم يفتوا بذلك ولم يعلموه، وهم خير هذه الأمة وأخصهم بعلم الشريعة وأولاهم