1728 - [7] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي" قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ: "إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1283، م: 926].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1728 - [7] (أنس) قوله: (إليك عني) أي: تنح عني و (إليك) من أسماء الأفعال بمعنى أبعد.
وقوله: (فلم تجد عنده بوابين) كأنه كانت استشعرت في نفسها خوفًا وهيبة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وظنت أنه مثل الملوك والسلاطين فلا أجد مجال الدخول عليه حتى أعتذر عن خطيئتي فطابت نفسها بذلك.
وقوله: (لم أعرفك) أي: تبت وامتنعت عن البكاء والجزع، وامتثلت أمرك، ولم أعرفك قبل حتى أمتثل أمرك، أو هو اعتذار عما أساءت الأدب بحضرته، وقالت ما قالت، فافهم.
وقوله: (إنما الصبر) أي: الصبر الكامل المعتد به (عند الصدمة الأولى) أي عند وقع المصيبة وقربها، فأما بعد ذلك فلا محالة تصبر، وهذا الجواب من الأسلوب الحكيم أي: دعي الاعتذار عني، فإن من شيمتي أن لا أغضب لنفسي وأنت لم تقصديني بذلك ولم تعرفيني وكنت معذورة، وانظري إلى تفويتك الثواب بالجزع. و (الصدم) ضرب صلب بمثله، وإصابة الأمر، والمعنى الأخير أظهر، ولكن في الأول إشارة إلى ضرب صلابة المصيبة بالقلب الذي هو صلب وشديد في تحمل الشدائد، وكسره ويجعله لينًا ورقيقًا.