قَالَ: "الإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(الإحياء) (1/ 116) في ذلك كلام طويل، وقد دل قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] على التغاير مبنيًا على ما ذكرنا من إطلاقهما على المعنيين المذكورين، وقد ذكر في العقائد أن الإيمان والإسلام واحد، بمعنى أن كل مؤمن مسلم، وكل مسلم مؤمن، ولم يجز سلب أحدهما عن الآخر.
واستدلوا بقوله سبحانه: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 35 - 36]، ولم يكن هناك إلا بيت واحد، وقوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: 84].
والحق أنه إن كان الإسلام اسمًا للأركان الخمسة فقط، فالإيمان يوجد بدون الإسلام على مذهب أهل السنة من عدم دخول الأعمال في حقيقة الإيمان، أما على قول من لم يجعل الإقرار جزءًا من حقيقته فظاهر، وأما على قول الجمهور القائلين بكون الإقرار جزءًا من حقيقة الإيمان فكذلك، لكون الإسلام عبارة عن مجموع الشهادة التي هي الإقرار والأعمال المذكورة، وكذا الإسلام يوجد بدون الإيمان كما في المنافقين، وإن كان اسما لما يشتمل على التسليم القلبي الذي بمعنى التصديق كما عرفت في تحقيق معنى الإيمان، فهما متصادقان بل مترادفان، والإسلام المعتبر في الدين هو بهذا المعنى، ولهذا حكموا بأن كل مسلم مؤمن وكل مؤمن مسلم، فتدبر.
وقوله: (الإسلام أن تشهد) ظاهره أنه لابد في الإسلام من لفظ (أشهد)، فلو أسقطها أو قال بدلها (أعلم) لا يكون مسلمًا، والشهادة أخص من العلم؛ لأنها خبر قاطع، فكل شهادة تتضمن العلم دون العكس، وحمل الشهادة في الحديث على العلم غير صحيح؛ لأن المقصود بيان ماهية الإسلام، فلابد أن يكون باللسان، وقد وقع