وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، وَهُوَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى مُنْكَرَاتِ الْمَوْتِ أَوْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 978، جه: 1623].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (على منكرات الموت) جمع منكرة، بتقدير موصوف مؤنث كالخصلة والصفة، والمنكر: الأمر الشديد، يقال: نكر الأمر بضم الثاني، أي: اشتد، كذا في (الصحاح) (?).
وقوله: (أو سكرات الموت) (أو) للشك من الراوي، وسكرة الموت: شدته وهمه وغشيه، وسكَّره تسكيرًا: خنقه، وقوله تعالى: {سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} [الحجر: 15] أي: حبست عن النظر وحيرت وغطيت وغشيت، ولقد أبرز بعض العارفين من العلماء المتأخرين في سبب سكرات الموت له -صلى اللَّه عليه وسلم- وجوهًا:
منها: أن مزاجه الشريف كان أعدل الأمزجة، فكان إحساسه بما يؤلم أكثر ووجدانه لآثاره أكبر، ومن ثم قال: (إني لأوعك كما يوعك رجلان منكم)، وبمثل هذا يأوَّل قوله: (ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت).
ومنها: أن تشبث الروح بجسده كان قويًا وتعشقها به كان أوفى، فكان تألمه بمفارقته أكثر.
ومنها: أن في ذلك تسليةً للأمة، فإنهم لما رأوا طريق نقل روحه على هذه الصورة يسهل على كل أحد حال نفسه على ذلك.
ومنها: أن حقيقته الشريفة كانت جامعة بجميع الأكوان، ففراق روحه لجسده الشريف كأنه فراق كل روح لكل جسد، وكل حياة لكل حي.