. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تفصيل الإجمال الذي في قوله: (إنما الأعمال بالنيات) والنية بالمعنى الشرعي مفقودة في الشرطية الثانية، فلا يصلح تفصيلًا لذلك الإجمال بهذا المعنى، فينبغي أن يحمل على النية بالمعنى اللغوي حتى يكون المعنى: فمن كان نيته وقصده إلى وجه اللَّه فهو كذا، ومن كان قصده إلى ما سواه فهو كذا.
ويَرِدُ عليه أن الحمل على المعنى الشرعي أظهر وأنسب لكلام الشارع، ولا يُخل بالتفصيل المذكور، فإن المعنى أن الأعمال محسوبة ومربوطة بالنية الشرعية، فما وجد فيه ذلك فهو مقبول، وما لم يوجد فهو مردود وغير معتدٍّ به، وبهذا المعنى صح كونه تفصيلًا لذلك الإجمال، وهذا ظاهر.
وقيل: إن قوله: (فمن كانت هجرته. . . إلخ) تفصيل جملة (وإنما لامرئٍ ما نوى) لا لقوله: (إنما الأعمال بالنيات)، وفيه: أنه على القول بكون الجملة الثانية تأكيدًا للأولى لا ينفع هذا الكلام، وعلى القول بكونه تأسيسًا لا تأكيدًا أيضًا غير نافع لكونه مشتملًا على ذكر النية، فإن حمل على المعنى اللغوي فذاك، وإن كان محمولًا على المعنى الشرعي فالمحذور لازم، فالجواب هو الأول لا غير، وسيجيء بيان الفرق بين الجملتين فانظر ثمة.
والباء في قوله: (بالنيات) يحتمل أن يكون للمصاحبة فيفيد وجوب استصحاب النية للعمل، لكنهم فضلوا مواضع النية، فمنها ما تجب مقارنتها للعمل كنية الصلاة.
ومنها: ما يجوز تقديمها عليه كالصيام، وقد تقع في بعض الأحوال على إبهام، ثم يقع التعيين فيما بعد، كمن عليه كفارتان من قتل وظهار، فاعتق رقبة ونوى بعده لأحدهما، فينبغي أن يكون الاستصحاب الذي هو مدلول الباء ما هو أعم من المقارنة،